سوريا الحرة و الثورة المنتصرة … الحاجة إلى جهاز إعلامي مركزي قوي
لم يكن التاريخ يومًا ساحة تُكسب فيها المعارك بالسلاح وحده. فكم من جيوش ربحت الميدان، ثم خسرت الذاكرة، لأن خصومها امتلكوا ماكينة إعلامية أقوى، حوّلت الدم إلى سردية، والهزيمة إلى انتصار رمزي.
سوريا في مرحلة ما بعد الثورة، وهي تتهيأ لتثبيت أركان دولتها الجديدة، تجد نفسها أمام تحدٍّ مشابه: كيف تُبنى الذاكرة الجمعية؟ وكيف تُحسم معركة الرواية قبل أن يكتبها الآخرون بالنيابة عن السوريين؟
التجارب التاريخية، مهما اختلفت في أخلاقياتها، تعطي مثالًا واضحًا: الإعلام ليس ترفًا، بل سلاح استراتيجي. لقد أدرك جوزيف غوبلز، وزير الدعاية في ألمانيا النازية، أن الجماهير تُقاد بالشعارات والصور والخطابات بقدر ما تُقاد بالقوة العسكرية. لم يكن هدفه الحقيقة، بل الهيمنة على المخيلة. ورغم بشاعة التجربة، فإنها تذكير قاسٍ بمدى فعالية الإعلام حين يُدار بعقل مركزي، متماسك، وبخطاب واضح.
سوريا اليوم بحاجة إلى وزارة إعلام حديثة، لا تكتفي ببيانات تقليدية أو منصات متفرقة، بل مؤسسة قادرة على صياغة خطاب وطني موحّد، يجمع بين:
إنتاج وثائقيات تحفر في ذاكرة الثورة.
صناعة أفلام وبرامج ترسم ملامح سوريا المستقبل.
تدريب جيل جديد من الإعلاميين على تقنيات التأثير، بعيدًا عن الهواية والارتجال.
إطلاق منصات متعددة اللغات تخاطب الداخل والخارج معًا.
إنها ليست مسألة “إعلام” بالمعنى الكلاسيكي، بل معركة على الرواية. فإما أن يكتب السوريون قصتهم بأدواتهم، أو أن يتركوا الآخرين يكتبونها عنهم، محمّلة بالتحريف والتشويه.
بعد النصر العسكري، لا بد من النصر الرمزي. وبعد سقوط الطغيان، لا بد من ولادة خطاب يوحّد ويُقنع ويُبني ذاكرةً جماعية جديدة. فالثورة التي لم تؤسس إعلامها المركزي، ستبقى عرضة لأن تُسرق انتصاراتها في عناوين الصحف وذاكرة الأجيال.
بقلم ثائر حر ( احد الاصدقاء المتابعين للغرفة )
https://linktr.ee/ayman.alhaddad
Linktree
Ayman Alhaddad | Instagram, Facebook, TikTok | LinktreeJournalist-Director who believes in great Syria and the great Syrien people